أشباااااااااح الذكريااااااااااااااااات

السلام عليكم



أشباح الذكريات

أرهقني الإبحار اليومي في غياب الماضي المليء
بالآلام والأحزان والذكريات المريرة ..
وفي لحظة بلغ بي التعب واليأس مبلغا لا قبل لي به
قررت الخلاص من تلك الأشباح التي تنشب مخالبها
في أعماقي النفسية كلما حلقت بخيالي في أي زمان
أو مكانٍ تجرعتُ فيه مرارة الظلم والألم والحسرة !!!
عندها قمت بلملمة تلك الأيام المتخمة بالمشاهد المعتمة
والصور المشوشة وألقيتها في بئر سحيقةٍ .. بعيدةٍ ..
مهجورة !!..
تركتها تهوي في أعماق النسيان !!..
ألقيتُ عليها نظرة الوداع الأخيرة بعد أن أهَلتُ عليها التراب ..
لوَّحت لها بيدي وأنا أمشي القهقرى !!..
وبعد مراسم الدفن أردت مغادرة المكان إلى عالم تخيلته
مثالي لأبدأ فيه حياة جديدة خالية من كل منغصات الماضي ..
إلا أنني لم أهتدِ إلى أي جهة أتجه ، فظلت أحوم حول
ضحيتي حتى نال مني التعب ، وأعياني التفكير ؛ فعمَدْتُ
إلى ظل شجرة قريبة كي آخذ قسطا من الراحة ..
وكان على مقربة مني مستعمرة للنمل قد غطى جيشها مساحة
كبيرة من الأرض ، تتحرك أفرادها وجماعاتها وفق نظام
غاية في الدقة والتنظيم ..
أخذت أتأمل ذهابها وإيابها وحركتها الدءوب ؛ فسألت نفسي
لماذا أعجز أن أكون مثل واحدٍ من أفراد هذه الجماعات
التي تذهب بعيدا ثم تعود إلى قريتها بيسر وسهولة !!..
لماذا دفنت خبراتي وذكرياتي في ذلك البئر ؟؟!!
كيف انقطعت بي السبل في هذا المكان ؟؟!!..
ثم نهضت متثاقلا وأخذت أمشي على غير هديٍ ونفسي مثقلة
بالهموم والغموم ، وقلبي يتفطر حزنا وندما على ما اقترفت بحق
كل أيامي السالفة دون أن أحاكمها بل وأحاكم نفسي التي
هي جزء منها ، ولكن هيهات ، هيهات ، لقد فات الأوان ..

وبينما أنا أسير على غير بصيرة ؛ إذا بي أسقط فجأة في بئر
أعمق من تلك التي دفنتُ فيها أيامي الماضية !!..

فأخذت أسقط ..









وأسقط ..

















وأسقط ..
















وأسقط ..





















حتى وقعْتُ من :



















على سريري !!!!...

فاستيقظت مفزوعا ، مرعوبا ، وأخذت أتلفت حولي فإذا بي
في غرفتي كالعادة بمفردي ليس معي سوى جهازي وكتبي ...
تذكرت منتدى جروحي، وأيامه ولياليه بحلوها ومرها ....
تذكرت كل الأعضاء بدون استثناء ......
استعدت ذكرياتي القريبة والبعيدة في كل زمان ومكان ...

تذكرت المثل القائل :
(إذا كانت لديك ذكريات مريرة
ولديك ذاكرة قوية فأنت أتعس الناس )

لكني حمدت الله الذي أحياني بعد ما أماتني ؛ فظهرت براءتي
من اقتراف أي ذنب بحق أي إنسان أو زمان أو مكان ....
حمدت الله أنني دائما مظلوما وليس ظالما .
قال الله تبارك وتعالى :

{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي
مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى
أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ للآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42
دمتم في أمان الله